أبدا ما تبعثرت الكلمات، ولا تعطلت لغة المشاعر، للتعبير عن الفرح الجماعي الذي استشعره الصحافيون الرياضيون الذين أتونا بالمئات من كل بقاع العالم، ليكونوا شهودا على نسخة الرباط لمؤتمر الإتحاد الدولي للصحافة الرياضية، وهي تتألق وتتجمل وتتباهى، وقد غدت باعتراف كل الزملاء والزميلات الأجمل والأعمق بين كل النسخ العشر الأخيرة لهذا المؤتمر.
قال لي أحدهم مودعا بنبرة حزينة وقد انطوت سريعا أيام التلاقي على ضفاف الرقراق: «تعجزني الكلمات لأصف لكم حقيقة المشاعر، ما شاهدته هنا بالمغرب، سيجعلني أتشوق للعودة إليه مرات ومرات».
وما وجد رئيس الإتحاد الدولي للصحافة الرياضية حرجا، ليقول مخاطبا كل الصحفيين الرياضيين العالميين وقد انتهوا مبهورين ومنبهرين، من زيارة مرافق مركب محمد السادس لكرة القدم: «أظنكم اليوم عرفتم، لماذا تتصدر كرة القدم المغربية بمنتخباتها المشهد العالمي، هنا بالذات يكمن الجواب ويتمثل الإعجاز.. في بلادي إيطاليا، مركز كرة القدم لا يصل حتى لعشر ما هو موجود هنا».
الزميلة الكينية إيفلين واطا عضوة المكتب التنفيذي للإتحاد الدولي للصحافة الرياضية، جاءتني ومعي زميلي مراد المتوكل، لتقول لي وقد برق في عينيها ضوء نيزكي: «صدقا، جعلتموني بما شاهدته هنا، وما قرأته في ملامح كل المؤتمرين، أفتخر بإفريقيتي، من صميم القلب شكرا لكم».
عشرات الشهادات وُثِّقت في حضوري، وآلاف غيرها عبرت الحدود والمحيطات، لتستوطن المواقع والمنصات والقنوات، تبدي إعجابها الكبير بما شاهدته هنا بمملكتنا الشريفة بالعين المجردة، من احترافية التنظيم إلى حفاوة الإستقبال، إلى فخامة الضيافة، ونحن في ذلك لم نستعر سلوكا ولم نستجد عادات، فما قامت به الجمعية المغربية للصحافة الرياضية وهي تنظم لثاني مرة مؤتمر الإتحاد الدولي للصحافة الرياضية، مشمولا برعاية سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، لم يكن إلا صورة من موروث وتقاليد ترمز لأصالة شعب وشموخ وطن.
ولأن التنظيم الإحترافي لا يكفي وحده ليتألق المؤتمر ويتسامى في رحابه، فقد كان لزاما أن يحضر النقاش الجماعي حول قضايا إعلامية ورياضية ذات الراهنية، بالعمق المهني والرؤية الأكاديمية، لتكتمل الصورة، وهو ما كان، إذ شد المؤتمر المئات من الزملاء بمنصاته الحوارية التي كانت فضاء للتقاسم، بوحدة التعبير وإرادة التغيير، لجعل الصحافة الرياضية أكثر قوة ومناعة وتماسكا بين ذويها، لمواجهة كل ما يأتي به الفضاء الأزرق من وسائل متنامية للتعبير، وما يهب على الرياضة من رياح ليس كلها خير ينبئ بالغيث النافع، إذ أن هناك رياحا خبيثة وهوجاء تهدد الصحافة الرياضة في كينونتها.
وإلى أن يحين موعد النسخة الثامنة والثمانين لمؤتمر الإتحاد الدولي للصحافة الرياضية، العام القادم بلوزان، ستظل نسخة الرباط ذكرى في القلوب وصدى يتردد في العقول، ومحطة نقشت نفسها بتلاوين الإبداع في ذاكرة الصحافة الرياضة العالمية، وسيظل هذا المؤتمر بالنجاحات التي حققها وبشهادات الإعجاب والتنويه التي حشدها، لحظة متسامية، لمن أراد أن يَذَّكر بأن الصحافة الرياضية المغربية شامخة بروادها، ومتحصنة بجمعيتها ومرجعيتها، وقادرة بأبنائها وقاماتها أن تؤثث حاضرها وتستشرف مستقبلها.
التعليقات 0