
لم يُقدم منتخب المغرب لكرة القدم، بقيادة مدربه وليد الركراكي ، الأداء المنتظر منه، خلال الوديتين اللتين أجراهما ضد منتخبي تونس وبنين على التوالي، يوم الجمعة الماضي و الاثنين، على ملعب مركب فاس، استعداداً لبطولة كأس أمم أفريقيا، المقررة إقامتها في المغرب.
وكشفت المباراتان عدة ثغرات واضحة في كتيبة القائد أشرف حكيمي، في الخطوط الثلاثة، وبخاصة على مستوى الدفاع والهجوم وبناء اللعب. ورغم الأسماء اللامعة التي يمتلكها منتخب أسود الأطلس، فإن ذلك لم يكن كافياً ليبسط قوته، بغضّ النظر عن فوزه على منتخب تونس بهدفين نظيفين، إذ عانت كتيبة المدرب وليد الركراكي من ضعف في التمركز وبطء في التحوّل من الدفاع إلى الهجوم، بالإضافة إلى غياب الفعالية في ترجمة الفرص السانحة للتهديف، علماً أن منتخب المغرب يتوفر على فرديات تؤهله لصنع الفارق في أي لحظة.
وإذا كانت مباراة تونس الأفضل أداءً نسبياً من التي جمعت منتخب أسود الأطلس بمنتخب بنين، فإن هناك شبه إجماع على ضرورة تصحيح الاختلالات وإعادة ترتيب الأوراق قبل خوض غمار بطولة كأس أمم أفريقيا، وإلا فسيكون المدرب وليد الركراكي أمام ضغط رهيب من قبل الجماهير المغربية التي تُعوّل على النسخة المقبلة لتكريس مكانة أسود الأطلس بين كبار القارة الأفريقية، ولا سيما بعد الإنجاز التاريخي في مونديال قطر 2022 بالوصول إلى المربع الذهبي.
ويستعد رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم، فوزي لقجع ، لعقد اجتماع حاسم مع المدير الفني لـ”أسود الأطلس”، وليد الركراكي الأسبوع المقبل، من أجل مناقشة عدة قضايا مرتبطة بالتحديات المنتظرة، من أبرزها تقييم أداء المنتخب المغربي، خلال المعسكر التدريبي الأخير، الذي تخللته مباراتان وديتان ضد تونس وبنين، على ملعب مركب فاس، استعداداً للاستحقاقات الجديدة.
ومن المرتقب أن يحمل هذا الاجتماع طابعاً خاصاً هذه المرة، نظراً لموجة الانتقادات، التي تطول المدرب وليد الركراكي، عقب الأداء غير المقنع الذي ظهر عليه منتخب المغرب أمام تونس وبنين، إذ أبدى عدد من المتابعين والمحللين عدم رضاهم عن الأسلوب، الذي اعتمد في اللقاءين المذكورين، بصرف النظر عن النتيجة المسجلة.
ويواجه المدرب وليد الركراكي انتقادات قوية واحتجاجات متزايدة، في هذه الأيام، ليس فقط بسبب تراجع أداء منتخب المغرب فحسب، بل أيضاً لتصريحاته الإعلامية، التي وُصفت بالمستفزة، ما جعل عدداً من رواد مواقع التواصل الاجتماعي يطالبون برحيله، رغم اقتراب موعد بطولة كأس أمم أفريقيا، التي ستنطلق في 21 ديسمبر المقبل وتستمر حتى 18 يناير 2026، إذ يرى هؤلاء أن منتخب المغرب فقد الكثير من مقوماته الفنية والتكتيكية، دون تصحيح الأخطاء والثغرات، التي ظهرت في الفترة الأخيرة.
وتبيّن أن المدرب وليد الركراكي نفسه مضطر إلى الرد على الانتقادات خلال المؤتمر الصحافي الذي انعقد بعد لقاء بنين، إذ أقر بأن الأداء لم يرق إلى مستوى التطلعات، وبخاصة في الشوط الثاني، وأرجع سبب ذلك إلى التبديلات التي طرأت على التشكيلة الأساسية، ما أفقد المنتخب المغربي التوازن في جميع خطوطه، وتابع قائلاً: “ليس من السهل القيام بتغييرات واسعة وخلق التجانس بين اللاعبين في آن واحد. لقد لاحظنا أن الانسجام قلّ نسبياً. كان بإمكاني إشراك حكيمي أو لاعبين آخرين لضمان التوازن، لكن في مثل هذه المباريات الودية يبقى منح الفرصة لأسماء صاعدة أهم شيء”.
ويرى المدرب وليد الركراكي أن لقاء بنين شكل بالنسبة إليه فرصة لتجريب عدد من اللاعبين بغرض الوقوف على مؤهلاتهم الفنية والبدنية. لهذا، افتقد منتخب المغرب جودة اللعب، وأضاف ذاكراً: “ما يهمني، مواصلة سلسلة النتائج الإيجابية، وتحقيق رقم قياسي في عدد الانتصارات بـ 12 فوزاً متتالياً. والآن سنبدأ التركيز على بطولة كأس أمم أفريقيا بعد أن يأخذ اللاعبون قسطاً من الراحة”.
ورغم الوضع المشحون، الذي سببته مباراتا تونس وبنين الوديتان، فإن مصدراً مقرباً من رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم استبعد، في حديث مع “العربي الجديد”، وجود أي توجه لإقالة المدرب وليد الركراكي من منصبه، لسببين: الأول لإنجازاته المحققة، وأرقامه مع “أسود الأطلس” (12 فوزاً متتالياً)، والتي تقف في صفه، بينما يرجع السبب الثاني إلى الفترة القصيرة المتبقية على موعد انطلاق البطولة الأفريقية، والتي لا تسمح بإجراء تغيير في الجهاز الفني، فضلاً عن العلاقة الجيدة، التي تجمع بين وليد الركراكي وغالبية اللاعبين، وعليه فإن تغيير المدرب في هذه المرحلة الحساسة لا يعد خياراً مطروحاً، وتابع قائلاً: “أظن أن المرحلة الحالية تتطلب دعماً فنياً ونفسياً، وليس قرارات متسرعة، خصوصاً في هذه المرحلة التي ينبغي أن يستعد فيها منتخب المغرب في ظروف جيدة لبطولة كأس أمم أفريقيا 2025، ولن يتحقق ذلك إلا بالحفاظ على استقراره واستعادة ثقة الجماهير، التي تتوق إلى رؤية منتخب بلدها متوهجاً ولامعاً، خلال الاستحقاقات المقبلة”.
التعليقات 0