لا أعتقد أنني شاهدت من كلاسيكو الوداد والجيش، الكثير من النسخ، خلال مباريات بطولة الموسم الحالي، التي لن نتجنى عليها، إن قلنا جازمين، أن قليلها كان مثيرا ونابضا بالحياة، وكثيرها ممل لا تبقي الذاكرة له من أثر.
كلاسيكو بفكر تكتيكي مفتوح، تماهى مع الحالة الذهنية التي كان عليها فرسان الوداد والعساكر، فأعطانا ذلك، مباراة جميلة لا يُملُّ من مشاهدتها، حتى أنه إذا ما أردنا أن نجعل للبطولة التي نتوق إليها ونراها قابلة للتصدير والتسويق، مرجعا إخترنا هذا الكلاسيكو تحديدا.
كان الجيش يعرف أن خسارة الكلاسيكو سترمي به إلى بؤرة التوجس، حيث يتقلص الفارق عن الوداد إلى ثلاث نقاط، ولا أحد يدري ماذا سيحدث من عوارض الطريق في آخر جولتين للبطولة، والحال أن مركز الوصافة المفضي إلى عصبة الأبطال، لم يعد مؤمنا بالقدر الكافي، لذلك حضر العساكر بنية حسم الموقعة لصالحهم، واختاروا لذلك نهجا تكتيكيا مفتوحا، لا يجازف بالدفاعية المركبة.
وبغرض التصالح مع الجماهير الغاضبة، ومطاردة الخيط المتبقي نحو الوصافة، جاء الوداد إلى هذا الكلاسيكو بالإرادة التي لا تضعف، وبالمقاسات التكتيكية التي أعادت للفريق الأحمر مرتكزات هويته، حيث نجح محمد أمين بنهاشم في إنجاح فترة ما بعد موكوينا التي جرى خلالها الحديث عن شبح استوطن الفضاء الودادي ولم تظهر له صورة واضحة في كل المباريات.
ولأن المباراة الجميلة والجذابة، تحتاج لفريقين يتأسس لعبهما على قواعد جالبة للفرجة، فإن هذا الكلاسيكو بمعزل عن نتيجته، التي أعادت الوداد لسكة الإنتصارات بعد ست مباريات انتهت كلها متعادلة، يؤسس لحالة فنية صحية، نتمنى أن تشيع في بطولتنا الوطنية، خلال الموسم القادم، وليس لها من ضامن سوى أن تجيد الأندية اختيار الربابنة التقنيين من ذوي الفكر المبدع والخلاق، وتنفتح أكثر على اللاعبين الشباب وتعبر بمرونة عالية اختبار الميركاطو الصيفي.
<< ما بين «تيفو» الشتوكي منبع الأساطير، والرقي الكبير في الأداء الفني للفريقين، أسرنا الكلاسيكو بجماله، وكنا سنظل مبتهجين، بما شاهدناه بمركب النار، لولا أن ما انتهت به المباراة من احتقان أفضى لتلاسن ثم تراشق بالحجارة بين جماهير الوداد والجيش في محيط الملعب، لطخ الصورة الجميلة للكلاسيكو، ووضعنا أمام مشهد عنف يتكرر بمركب محمد الخامس مرتين في أول ثلاث مباريات يستضيفها بعد إعادة افتتاحه، وطبعا لا يمكن أن نكتفي بإبداء الأسى والأسف على ما حدث.
يحدث هذا التفريغ الفظيع لشحنات العداء، التي لم تخمدها أصوات العقلاء التي ارتفعت من الجمعيات المؤطرة لجماهير الفريقين، وقد انتهينا للتو من تناظرات جهوية أسست لمقاربة جديدة للتشجيع الرياضي، تحفظ الصورة الجميلة لشعب غير عنيف، وتجفف منابع العنف بكل تمظهراته.
بالقطع، لا يمكن لهذا الذي حدث في الكلاسيكو وقبله في لقاء الرجاء وحسنية أكادير، أن يصيب عائلة كرة القدم المغربية باليأس في سعيها الحثيث لتهذيب وتخليق التشجيع الرياضي، على العكس من ذلك تماما، يجب أن نقرن فعل التنزيل لمخرجات كل هذه المناظرات الجهوية، بالإستباقية في رصد مناطق التوتر، وفي تشديد العقاب على مرتكبي جنح الشغب والموازنة بين كافة المقاربات، حتى ينأى التشجيع الرياضي بنفسه، عن أشكال العنف الذي صدر منه الكلاسيكو صورة قاتمة وسوداء.
التعليقات 0