في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ كرة القدم المغربية، أعلنت العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي رسميًا اعتماد الثامن من ماي من كل عام كيوم مخصص للاحتفاء بنادي الوداد الرياضي المغربي، تحت مسمى “WAC DAY”، في اعتراف دولي بمكانة نادي “الأمة” وتاريخه العريق في دعم الرياضة المغربية والمساهمة في إشعاعها على الصعيدين القاري والعالمي منذ تأسيسه سنة 1937.
اعتراف رمزي بمسيرة أسطورية
هذا القرار اللافت، الصادر عن مجلس العاصمة واشنطن، يُمثل تكريمًا غير مسبوق لفريق إفريقي وعربي من خارج الولايات المتحدة، ويأتي في وقت يشهد فيه نادي الوداد إشعاعًا متزايدًا على المستوى الدولي، نتيجة تاريخه الكروي الغني بالإنجازات، وقاعدته الجماهيرية العريضة، إضافة إلى مساهماته في الدفاع عن الهوية الوطنية المغربية منذ مرحلة الاستعمار، حين كان الرياضة أحد أبواب النضال الثقافي والسياسي.
واعتبر مراقبون هذا الاعتراف الرمزي خطوة تحمل دلالات عميقة، خصوصًا وأنها تأتي من عاصمة القرار السياسي والإعلامي العالمي، وتكرس مكانة الوداد كأحد أعرق الأندية في إفريقيا والعالم العربي، وأكثرها تمثيلًا لقيم الرياضة والمقاومة والانتماء.
الوداد.. من ملعب “المصلى” إلى العالمية
منذ تأسيسه في 8 ماي 1937، ارتبط اسم الوداد الرياضي ارتباطًا وثيقًا بتاريخ المغرب السياسي والثقافي والرياضي، إذ لم يكن مجرد نادٍ كروي، بل شكّل فضاءً لمقاومة الاستعمار الفرنسي، ومنصة لتعزيز الروح الوطنية في صفوف الشباب.
وقد لعب النادي، الذي بدأ نشاطه في رياضة كرة الماء قبل أن يتوسع إلى كرة القدم، دورًا محوريًا في توسيع رقعة الرياضة في المغرب، واحتضان نخبة من الرياضيين الذين أصبحوا لاحقًا رموزًا وطنية.
تتويجات وإنجازات قارّية
الوداد الرياضي يعتبر أحد أكثر الأندية تتويجًا في المغرب وإفريقيا. فاز بلقب دوري أبطال إفريقيا ثلاث مرات (1992، 2017، و2022)، وحقق ألقابًا محلية متعددة، منها الدوري المغربي الممتاز (البطولة الوطنية) في أكثر من 22 مناسبة، إضافة إلى كأس العرش والسوبر الإفريقي.
كما مثل المغرب في مناسبات عديدة في كأس العالم للأندية، حيث بصم على مستويات مشرفة وأداء رجولي نال إعجاب المتابعين عالميًا.
إلى جانب ذلك، اشتهر الوداد بقاعدته الجماهيرية الضخمة، ليس فقط داخل المغرب، ولكن في صفوف الجاليات المغربية بالخارج، وخاصة في أوروبا وأمريكا الشمالية، وهو ما جعل من النادي رمزًا للهوية والانتماء، وامتدادًا وجدانيًا للمغاربة في المهجر.
المجتمع الأمريكي يكرّم نادي الأمة
وجاءت مبادرة تخصيص يوم “WAC DAY” بمسعى من فعاليات مغربية ونشطاء في المجتمع المدني الأمريكي من أصول مغربية، عملوا لسنوات على تعزيز الحضور الثقافي المغربي في الولايات المتحدة. وقد تُوجت جهودهم بهذا الاعتراف الرسمي الذي تم اعتماده في وثيقة صادرة عن عمدة العاصمة واشنطن، تعبيرًا عن تقدير المدينة لتاريخ نادي الوداد، ودوره في تعزيز القيم الرياضية والانفتاح الثقافي، وربط الجسور بين الشعوب.
كما يأتي هذا الاعتراف تتويجًا للعلاقة المتينة التي تجمع بين الجالية المغربية في أمريكا، ونادي الوداد الذي يُعد في نظر العديدين أكثر من مجرد نادٍ رياضي، بل عنوانًا للكرامة، والوفاء، والانتصار للمبادئ.
ردود فعل ودادية ومغربية واسعة
وقد لقي الخبر تفاعلًا واسعًا في صفوف جماهير الوداد داخل المغرب وخارجه، حيث عبّر عدد من النشطاء والصفحات الرسمية المرتبطة بالنادي عن فخرهم واعتزازهم بهذا الاعتراف. واعتبر كثيرون أن تخصيص “يوم وِدادي” في عاصمة مثل واشنطن هو إنجاز تاريخي، يعكس قوة الحضور الرمزي للنادي، ونجاحه في أن يكون مرآةً مشرقة للمغرب وقضاياه العادلة.
رسالة حضارية للعالم
يُجسد “WAC DAY” في واشنطن تكريمًا لتاريخ نادٍ عريق، ولكنه أيضًا رسالة حضارية للعالم تؤكد أن الأندية الرياضية ليست فقط ساحات للتنافس، بل يمكنها أن تكون أدوات ديبلوماسية ناعمة، تعزز صورة الشعوب وتعبّر عن روحها الحقيقية.
فمن الوداد الذي واجه الاستعمار ورفع العلم المغربي في زمن القهر، إلى الوداد الذي يعتلي منصات التتويج في زمن الاحتراف، تظل قصة “نادي الأمة” ملهمة، وها هي اليوم تجد مكانًا في روزنامة العاصمة الأمريكية، بكل ما تحمله الخطوة من رمزية دولية وتقدير معنوي.
التعليقات 0